مقدمة في القانون التجاري
1 – ما يُقصد بالقانون التجاري:
اللائحة التنفيذية للقانون التجاري الليبي يشير إلى مجموعة القواعد القانونية التي تنظم المعاملات التجارية، وهي المعاملات التي تنشأ بين التجار في صفتهم التجارية أو تكون متعلقة بالأعمال التجارية.
ويُعرف بمعنى التاجر والعمل التجاري، ويشرح واجبات التجار، مثل التسجيل في السجل التجاري والحفاظ على السجلات التجارية، وينظم الشركات التجارية من مختلف الأنواع، ويتعامل مع جوانب النشاط التجاري مثل العقود التجارية والملكية التجارية وأدوات التعامل التجاري مثل السندات القابلة للصرف والشيكات والأدوات، وينظم إفلاس الشركات وعواقبه.
ويُلاحظ أن مصطلح التجارة في مصطلحات القانون لا يقتصر على العمليات الوسيطة بين المنتج والمستهلك، بل يشمل الأنشطة الصناعية والتعاقدات والنقل والتأمين وغيرها.
لا يعني المصطلح التجاري التجار الأفراد الذين يمارسون نشاطًا تجاريًا بشكل احترافي، بل يشمل الشركات التجارية ذات الشخصية القانونية، بما في ذلك الشركات العامة، تحت هذا المصطلح.
2 – ظهور وتطوير القانون التجاري:
لم يكن لدى الشعوب القديمة فكرة عن قانون تجاري منفصل عن القانون المدني، ولكن يُلاحَظ أن الشعوب القديمة عرفت ببعض القوانين التجارية. شمل قانون (حمورابي) بعض الأنظمة التجارية الخاصة مثل (القرض بفائدة – الوديعة – الوكالة بعمولة – الشركة) ويعود ذلك إلى الفينيقيين، الذين كانوا من الشعوب البحرية ويُعتبرون بتطوير نظرية رمي البضائع في البحر المستخدمة في قانون البحر، والتي هي أصل نظرية الخسائر العامة المنصوص عليها في قوانين البحر الحديثة. وقد وضع الإغريق عدة عقود تجارية، بما في ذلك عقد المخاطر الجادة. في العصور الوسطى، ازدهر التجارة وبدأت آثار اللائحة التنفيذية للقانون التجاري الليبي في الظهور. منذ القرن الحادي عشر، طوّرت الحضارة في المدن، خاصة في إيطاليا، واتسع نطاق التجارة بين مدن إيطاليا وأجزاء أخرى من غرب أوروبا مثل بولندا وبلجيكا ولوكسمبورج. بعد أن تم تحرير هذه المدن من السلطة الإقطاعية، انتقلت السلطة إلى التجار، وأسسوا القواعد التي تنظم علاقاتهم. أصل القانون التجاري هو العادات والتقاليد التي اتفق عليها التجار بين أنفسهم. صارت هذه العادات والتقاليد هي تلك التي تُطبق في جميع المدن عندما استولى هؤلاء التجار على الحكم هناك. كما عينوا قضاة جددًا لتنفيذ هذه القواعد الجديدة.
ظهور الأسواق التجارية الكبيرة في وسط أوروبا أدى إلى إنشاء قوانين خاصة لتنظيمها، تحكم في العلاقات والمعاملات التي تجري بين التجار الذين يلتقون فيها. ونظرًا لأن الأسواق كانت تُعقد لفترة معينة، كان من الضروري تسوية المعاملات التي جرت ضمن نطاقها بطرق مبسطة وسريعة. نظام الأسواق ساهم في ظهور العديد من الأنظمة التجارية، مثل نظام سند الصرف، حيث فكر التجار في وسيلة لحماية أموالهم من خطر سرقتها أثناء التنقل بين سوق وآخر. بدلاً من حمل التاجر للنقود معه، كان يُسلمها لصراف مقابل تسلم سند صرف مرسوم على المستجير لهذا الصراف الذي كان حاضرًا في المدينة الأخرى التي يتوجه إليها التاجر، حيث يتلقى بدوره مقابل ما دفعه لصراف.يتعين علينا أن لا ننسى جدارة العرب في المساهمة في وضع بعض قوانين القانون التجاري. ابتكروا أنظمة الشراكة ونظام الإفلاس. وأسهم القرآن الكريم في وضع العديد من المبادئ العامة في ميدان التجارة، مثل مبدأ الدليل في القضايا التجارية.
في العصر الحديث، انتقلت التجارة من حوض البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلسي بعد اكتشاف أمريكا ووجود ثروات كبيرة في هذه المنطقة. أصبحت الدول التجارية الرئيسية في هذا العصر هي (إسبانيا – البرتغال – هولندا – فرنسا – إنجلترا). أدى إنتاج الذهب والفضة في القارة الأمريكية إلى زيادة التعامل معها، وظهرت البنوك الكبيرة في العديد من الدول مثل إيطاليا وإنجلترا. زاد اتساع التوسع الاستعماري في أفريقيا وآسيا وأمريكا أيضًا في إنشاء شركات كبيرة في إنجلترا وهولندا، وكانت هذه الشركات هي مصدر ظهور الشركات ذات المساهمة.
بدأت أول محاولات في فرنسا لإقامة قانون تجاري يتضمن جميع العادات والقوانين المعترف بها خلال عهد الملك لويس في عام 1807. ثم تم إصدار تشريعات تجارية في مختلف دول العالم. في ليبيا، تم إصدار قانون التجارة قبل عام 1953، ثم تم إلغاؤه واستبداله اللائحة التنفيذية للقانون التجاري الليبي الحالي الذي تم إصداره في 28/11/1953م.
ثانياً: مصادر القانون التجاري:
المادة 2 من قانون التجارة تنص: “إذا لم يكن النص المعين موجودًا في هذا القانون، يجب تطبيق أحكام القانون المدني فيما يتعلق بالمسائل التجارية. ومع ذلك، يكون تطبيق هذه الأحكام مقتصرًا فقط على مدى اتفاقها مع المبادئ ذات الصلة في قانون التجارة.”
المادة 3 من قانون التجارة تنص: “في حال عدم وجود نص تشريعي، يُمكن للقاضي أن يتجه بتوجيهات من السابقة ومتطلبات العدالة والنزاهة التجارية.”
عند تقديم نزاع تجاري أمام القاضي لاتخاذ قرار، يبحث القاضي في البداية عن حلاً داخل أحكام التشريعات التجارية واللوائح الإضافية. إذا لم يجد حلاً في هذه النصوص، يلجأ القاضي إلى أحكام القانون المدني. وإذا لم يجد حلاً في نصوص التشريعات التجارية أو التشريعات المدنية، يتجه القاضي إلى مبادئ العرف التجاري.